يرى الكاتب دانييل تيستر في تقريرٍ نشره موقع ميدل إيست آي أن الأنظار العالمية انصرفت نحو غزة منذ 7 أكتوبر 2023، حيث أودى العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ عامين بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني، بينما ظلّت الضفة الغربية تشهد تطوراتٍ خطيرة بعيدًا عن دائرة الضوء.

يوضح التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي كثّف منذ عامين هجماته على الفلسطينيين في الضفة، حيث تصاعدت اعتداءات المستوطنين الذين يسيطرون على الأراضي الفلسطينية في انتهاكٍ صارخٍ للقانون الدولي. وتشير بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن القوات الإسرائيلية نفّذت نحو 7,500 مداهمة لمدن وبلدات الضفة منذ مطلع عام 2025.

تبلغ مساحة الضفة الغربية نحو 5665 كيلومترًا مربعًا، ويعيش فيها قرابة ثلاثة ملايين فلسطيني بينهم نحو 900 ألف لاجئ، إلى جانب ما يقارب 700 ألف مستوطن إسرائيلي موزعين على 150 مستوطنة و200 بؤرة استيطانية غير مرخّصة. ويقول تيستر إن الحياة اليومية للفلسطينيين تحولت إلى شبكةٍ من الحواجز العسكرية والتقسيمات الإدارية التي فرضتها اتفاقيات أوسلو عام 1993، بحيث تسيطر إسرائيل فعليًا على معظم المنطقة رغم وجود السلطة الفلسطينية الاسمية.

تتفاقم المعاناة في المخيمات الفلسطينية، إذ يعيش نحو 33 ألف شخص في مخيم بلاطة وحده ضمن مساحة لا تتجاوز ربع كيلومتر مربع، في واحدة من أعلى الكثافات السكانية في العالم. كما يعيش سكان الضفة حالةً من الخنق الاقتصادي والاجتماعي بسبب القيود المفروضة على الأرض والمساعدات.

قبل هجوم حماس في أكتوبر 2023، كانت الأوضاع في الضفة تتجه نحو الانفجار، إذ قُتل 259 فلسطينيًا خلال عام واحد على يد الجيش والمستوطنين، وهو رقم يفوق بخمسة أضعاف عدد القتلى في غزة في الفترة نفسها. حتى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حينها حذّر من أن المشهد “يشبه مقدمات الانتفاضة الثانية”.

يضيف الكاتب أن الحرب الإسرائيلية على غزة أشعلت احتجاجاتٍ غاضبة في مدن الضفة، قابلتها أجهزة السلطة الفلسطينية بالقمع، وحظرت قناة الجزيرة متهمةً إياها بالتحريض. كما شهدت الضفة إضراباتٍ عامة تضامنًا مع غزة في يناير 2024 وأبريل 2025.

منذ أكتوبر 2023، وسّعت إسرائيل وجودها العسكري في الضفة بذريعة مواجهة “المسلحين”، لكنها استهدفت في الواقع مدنيين، بينهم أطفال وعاملون في القطاع الصحي، وفق تقارير هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية. وتشير الأمم المتحدة إلى أن عام 2023 سجّل أعلى معدل قتل للفلسطينيين في الضفة منذ بدء الرصد المنهجي عام 2005.

شنّت إسرائيل في يناير 2025 عملية عسكرية واسعة تحت اسم “الجدار الحديدي” ضد مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس والفارعة، ما أدى إلى نزوح أكثر من 40 ألف فلسطيني، في أكبر عملية تهجير منذ حرب 1967. ولا يزال أكثر من 32 ألفًا منهم نازحين حتى سبتمبر 2025.

في المقابل، واصل المستوطنون اعتداءاتهم بوتيرةٍ غير مسبوقة، إذ وثّقت الأمم المتحدة أكثر من 1,400 هجوم في عام 2024 وحده، شملت حرق منازل وقتل مدنيين ونهب ماشية وهدم مئات المنشآت الفلسطينية لبناء وحداتٍ استيطانية جديدة. وفي عام 2025 وحده، سُجّلت أكثر من ألف حالة عنف استيطاني جديدة.

بلغ عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا في الضفة الغربية بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2025 نحو 996 شخصًا، بينهم 212 طفلًا، وفق بيانات الأمم المتحدة، في حين تجاوز عدد المشرّدين 47 ألفًا.

يشير تيستر إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو استغلت الحرب لتسريع خطط ضمّ الضفة الغربية، إذ صادق الكنيست في يوليو 2025 على اقتراحٍ رمزي بضمّها، تلاه في أغسطس إقرار خطة “E1” لبناء 3,400 وحدة استيطانية تربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم، ما يقضي فعليًا على أي احتمال لقيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.

تصاعدت التصريحات العنصرية من وزراء اليمين الإسرائيلي، حيث أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن الخطة “تدفن فكرة الدولة الفلسطينية وتكرّس السيادة الإسرائيلية بحكم الواقع”. وفي نهاية أغسطس، طرح مشروعًا لضمّ 82% من أراضي الضفة إلى إسرائيل، تاركًا مدنًا فلسطينية كجنين ونابلس ورام الله كجزرٍ محاصرة.

أثارت هذه التصريحات غضبًا عربيًا واسعًا، فأصدرت 31 دولة عربية وإسلامية بيانًا مشتركًا أدانت فيه “التجاهل الخطير للقانون الدولي” واعتبرت الخطوة “تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي”. لكن الكاتب يلفت إلى أن ردود الفعل العملية من مصر والأردن ظلّت محدودة وضعيفة.

أما في الولايات المتحدة، فقد دعمت إدارة دونالد ترامب الثانية خطوات إسرائيل، إذ رفعت العقوبات عن المستوطنين وعيّنت شخصيات مؤيدة للضم في مناصب دبلوماسية حساسة، في سياقٍ يرى فيه تيستر أن واشنطن “تمنح تل أبيب ضوءًا أخضر لدفن ما تبقّى من حلّ الدولتين”.

https://www.middleeasteye.net/explainers/west-bank-israel-palestine-whats-happened